الأحد، 28 سبتمبر 2014

اثناء فترة الكلية:
العادي: بيصاحب بنات وبيطلع رحلات ومقضيها ورق دروس. مالوش في جو العلم، واحيانا بينجح بتفوق وعادة بينجح ويعدي.
الريادي: يناقش الدكاترة ويختلف معهم، وقد يؤثر هذا عليه سلبا في الدرجات، مواظب على المكتبة (قبل عصر الأنترنت) غير مهتم بالرحلات، صدقاته كلها مبنية على من يشاركونه شغفه بالعلم والعمل، عملي وصاحب افكار ومشاريع، لايجلس على القهوة الا لأجتماع. بينجح احيانا قليلة جدا بتفوق، وفي العادة بالكاد، واحيانا كثيرة بيشيل مواد.

بعد التخرج من الكلية مباشرة.
العادي، بيصيع يومين بعد الكلية، بعدين يدور على شغل، بيقعد على القهوة احيانا ومفلس، بيدور علي شغلانة كويسة.
الريادي ، لو فاتح مشروعة في بيته فهو معظم الوقت في البيت وعلى الأنترنت وعلى الموبايل، وخروجه من البيت فقط في اطار العمل، ومفلس، لكنه ملئ بالأمل والطاقة والحيوية.

بعد التخرج بكام شهر.
العادي، بيشتغل، بعد الشغل بيقعد القهوة يشيش مع اصحابه، معاه فلوس، وبياكل بره وبيعمل ديليفري، وبقى حبيب امه خصوصا لو بيجيبلها هدايا
الريادي: لو اشتغل جنب مشروعه، فهو لايرى اصحابه، وبدأ ينساهم فعلا. فلوسه كلها مصروفة على مشروعه، لايجلس على القهوة الا لو هايعمل فيها اجتماع، اخره بياكل على عربية فول وطعمية في الشارع. امه وابوه شايفين انه بيضيع وقت وهايزهق كمان شوية.

بعدها بسنتين تلاتة اربعة خمسة.
العادي: بيترقى، معاه عربية، بيسافر يتفسح او في شغل، بيدور على عروسة، امه وابوه شايفينه العريس الذي لايعوض واهم واحد في مصر واشيك واحد في روكسي.
الريادي، غالبا ساب شغله، ومركز في المشروع، كل تجاربه على مدار السنتين تلاتة اربعة خمسة كانت فاشلة وعمال يحسن في مشروعه وبيتعلم ادارة وتسويق وبيع وحسابات، بقى مفلس اكتر من الأول، امه وابوه شايفينه اتجنن، وبيعاملوه كأنه بيتعاطى حاجة حرام لاسمح الله !!! وشايفين ان مافيش بنت هاتقبل بيه.

بعد السنتين ثلاثة اربعة خمسة اللي فاتوا بسنتين تلاتة.
العادي: استقر واتجوز ومعاه بنت مسميها جنى  وطلعله كرش.
الريادي: الشركة بتكبر، بس لسه مفلس عشان فلوسها كلها مصروفة عليها، عمال يتعلم الدروس القاسية في الأدارة والنجاح والفشل. ابوه وامه يأسوا من الكلام معاه وبيعايروه باصحابه في الرايحة والجاية. حاسس بعزلة كبيرة عن اهله ومجتمعه، اللي بيحسسوه انه انسان فاشل وغير طبيعي.

بعدها بسنتين تلاتة:
العادي: كرشه بيكبر وجاب اخ لجنى وسماه هيثم.
الريادي: لازال يتعلم الدروس القاسية، لكن اخيرا وجد واحدة تحبه ومقتنعه بيه، هايتجوزوا بشكل غريب وغير تقليدي من حيث تجهيزات الشقة والبداية الصعبة.
بعدها بسنتين تلاتة:
العادي: لسه كرشه بيكبر، غالبا بيغير العربية، وبيغير الشقة، او سافر بلد عربي.
الريادي: الشركة مرة فوق ومرتين تحت ، خلف بنت وولد.

بعدها بسنتين ثلاثة:
العادي: ماحدش يعرف عنه حاجة، بس غالبا بدأ يعمل ريجيم، ومراته بقى وزنها 90 كيلو.
الريادي: الشركة مرة فوق ومرتين تلاتة تحت، مراته زهقت منه وبتشتكيه لأبوه وامه، والضغط النفسي عليه بقى من كل اللي حواليه، لم يعد هناك دعم نفسي من اي احد. 
في الحالة دي فيه كتير بيستسلموا ويسلموا، وفيه ناس بتكمل لكن بيأخذ المخاطرة الأكبر في حياته.
غالبا المخاطرة هايعيش في نتائجها الصعبة سنتين تلاتة كمان، بعدها بيرتاح ماديا، وممكن يرتاح جدا(ماديا) ان استطاع ان يتحلى بالصبر اللازم. لكن هاتبدأ مرحلة جديدة من الدروس الصعبة لكن من نوع مختلف.

كثير منا ينظر الي ريادة الأعمال من منطلق تجربة بيل جيتس وستيف جوبز وحيتان السيليكون فالي في امريكا، ودي كلها تجارب يظهر منها نجاحها ولا يظهر لك الامها. ريادة الأعمال طريق شاق وصعب وقد لاينتهي بنجاح، لكن حتى لو لم يكلل تعبك بنجاح باهر مؤثر، ستكون قد اسمتعت بكل لحظة شقاء في حياتك، من لا يملك روح الريادة، لن يرى في ذلك متعة، فقط من يملكها يحس بطعمها.

اختر طريقك.

الأحد، 7 سبتمبر 2014


تأتي هذه التدوينة بمثابة الحلقة الثانية في سلسلة التدوينات التي ساتناول فيها اداء هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (ايتيدا).
المقالة الأولى اشرت فيها بشكل عام للمشاكل الأساسية داخل الهيئة ، والمواضيع التي سأتناولها.

حجم المشاهدة للتدوينة السابقة لا بأس به، عدد من علقوا على التدوينة مباشرة قليل، لكن عدد من ارسلوا تعليقات ايجابية على البريد الأكتروني كبير، ومنهم وزير سابق.

اول مبادرة ساتكلم عنها هي مبادرة دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة SME initiative.
نشأت هذه المبادرة بعد ثورة يناير بأشهر بسيطة، وكانت اهدافها كما عرفها رئيس الهيئة حينها (م.ياسر القاضي) : اعطاء قبلة الحياة للشركات الصغيرة، خوفا من انهيار هذا القطاع.
البداية بدت مبشرة نسبيا، حيث اجتمع رئيس الهيئة ووزير الأتصالات مع عدد كبير من اصحاب الشركات في هذا القطاع، الأجتماع والأنصات منهم كانت هي البداية المبشرة. كثير من اصحاب الشركات وكنت واحد منهم، اغلظوا القول للهيئة، وكان م.ياسر واسع الصدر، وتقبل كل النقد برحابة نفس وامتص غضب الشركات.
المبادرة كانت عبارة عن تمويل قدره 100 الف جنيه للشركات التي ستتبنى فكرة ما. و 50الف جنيه للشركات التي ستسوق لمنتج لديها.
اسئلة الشركات -في جزء منها- تمحور حول المعايير التي سيتم عليها تمويل الشركات، وكانت الأجابات محبطة جدا. كل الأجابات دلت على ان المبادرة خرجت في عجالة دون تخطيط جيد. كل اجابات الهيئة كانت تلمح (تقريبا تصرح) ان كل الشركات ستحصل على التمويل، ووسط وضوح التلميح كان صعب على الشركات ان تستوعب ان الأمر بهذه البساطة ! لذلك كانت الأسئلة تتكرر وبناء عليه تتكرر نفس الأجابات التي كانت من شدة وضوحها تزداد غرابة وغموضا !!!.
احد العاملين في الهيئة تبرع وامسك بالميكروفون قائلا من ... "من الآخر احنا عاوزين نمول افكار صغيرة وسريعة وتكسب كتير، ... تطبيق موبايل ينزل على النت يكسر الدنيا" !!!! بالطبع قد يكون هذا الموظف قد تسرع وحاول ان يجيب على اسئلة الشركات بصورة مختصرة، لكنه ما كان ليجيب مثل هذه الأجابة الا اذا كانت تلك هي الأفكار التي يتم مناقشتها في اجتماعات الهيئة حول هذه المبادرة !!! وهذا امر اراه خطير ومحبط !!!.

البداية لم يكن فيها امر ايجابي سوى الأستماع والأنصات والحوار مع الشركات، وهو امر لم يتم بعدها حتى تاريخ هذه التدوينة على حسب علمي، والله اعلم.

استلمنا نموذج التقييم، وهو في رأيي نموذج كتب على عجل، وتوقعت ان يعقبه مقابلة مع الشركات لمناقشتهم فيما كتبوا وما ادعوه في نموذج التقييم، ولم يحدث. اعلنت النتائج ووجدت شركتنا بين الفائزين. حين راجعت قائمة الشركات التي حصلت على هذا الدعم، وجدت ملاحظتين:
  1. وجدت في القائمة شركات تركيب شبكات وتجميع اجهزة كمبيوتر، ولا علاقة لها بالبرمجيات، وانا اعرف هذه الشركات جيدا.
  2. وجدت شركات -في نظري- هم اكبر حجما بكثير من ان يتم دعمهم بمائة الف جنيه !!! اي انها شركات لا ينطبق عليها وصف (صغيرة او متوسطة)
الهيئة لاتستطيع ان تجد لنفسها الوقت اللازم لمقابلة الشركات، العمل في منطقة الراحة كما اشرنا في المقال الأول.

هذه الطريقة في التفكير والأداء تذكرني بطريقة تصرف الحكومة تجاه ازمة المحروقات ... كل ثلاثة اشهر تحدث الأزمة، فتتلقى الحكومة مساعدات من دول الجوار ، وهكذا منذ 2011، ولم تتقدم اي حكومة بأي تصور للحل. !!! وهو نفس منهج الحكومة تجاه ازمة الكهرباء. اتمنى الا تكون سمة ونهج واسلوب هذه الحكومة !!!


على المستوى الشخصي لم يكن في استراتيجية الشركة حين -اعلان المبادرة- تنفيذ ما اسماه العامل في الهيئة (تطبيق موبايل يضرب) وكانت لدينا رؤية للخروج بتطبيق سحابي Cloud، بالطبع تمويله لن يقتصر على الـ 100 الف جنيه، ولكننا وجدناها فرصة ان نوفر من بند التمويل الذاتي، وقدمنا الفكرة كما ذكرت وحصلنا على التمويل.

في يوم التقييم كان لدينا حالة قلق، لأننا كنا بصدد ان نشرح للسادة المقيمون ان ماتم تنفيذه هو جزء من استراتيجية لمنتج مدروس. رغم ان ماتم تنفيذه قد انفقنا عليه ضعف مبلغ التمويل.
كانت دهشتنا حين قابلنا العديد من زملاءنا من اصحاب الشركات في يوم التقييم ورأينا اعمالهم. كثير من هذه الأعمال، يمكن ان ننفذها بميزانية تقل عن 20 الف جنيه، انا بالطبع ادرك الفروق في المصاريف غير المباشرة بين الشركات، وادرك انني اتحدث عن شركات من نفس حجم العمل السنوي، ونفس حجم العمالة تقريبا، لذلك فالفروق بيننا لا تصل لهذا الفرق الشاسع !
 اما  عن جلسة التقييم فقد كانت سطحية جدا لا داعي للخوض فيها !!! ولا اعتقد ان احدا خرج منها غير موفق !!!
مرة اخرى عدت لأتذكر ان الهدف كان رمق الحياة للشركات الصغيرة، لكن يلاحظ هنا كيف ان بعض الشركات قد اخذوا نفس القيمة التمويلية لجهد اصغر بكثير. هنا المظلمة ياسادة !!!

اعقب هذه المبادرة خطوة كانت رائعة جدا كفكرة، لكنها ايضا نفذت على عجالة، وهي معرض مايكروكوم.
مايكروكوم جاء كمعرض للشركات التي استحقت التمويل، لتبرز المنتجات والأفكار التي خرجت بها. الفكرة بحق رائعة جدا جدا، لكنها ايضا تشير الي ضعف معرفة الهيئة بكيفية تنظيم مؤتمرات، رغم انه يفترض ان لديها خبرة طويلة في هذا الأمر.
في تدوينة قادمة -ان شاء الله- سأشير الي مآخذي على الهيئة في تنظيم المؤتمرات


المبادرة تكررت بعد ذلك، وتصورت ان يتم فيها تدارك الأخطاء السابقة، لكنه وللأسف تكررت نفس الأخطاء بل وزيادة !!! فيما يلي بعض الملاحظات على المرات التالية، والتي لم يتم قبول تمويلنا فيها.
    • نموذج التقييم السابق، والذي ارى انه كان سطحيا جدا، تم ارساله (هو نفسه) في المرة التالية، حتى ان تاريخ المبادرة الذي كان مكتوبا في بداية النموذج، كان مكتوبا بتاريخ المبادرة السابقة (تاريخ قديم). اي ان النموذج لم يتم النظر فيه ولو دقائق معدودة، وهو مايشير ايضا الي ان المبادرة لم تأخذ اي وقتا في التخطيط، والمراجعة.
    • للمرة الثانية حين نظرت في قائمة من حصلوا على التمويل وجدت اسماء شركات لاعلاقة لها بالبرمجيات، واخرى اكبر بكثير من ان تمول بــ 100الف جنيه.
    • لم يتم عمل معرض للشركات بعد انتهاء المنحة حتى تاريخ هذه التدوينة على حد علمي.
فيما يلي سأعرض تجربة الشركة الشخصية مع نفس المبادرة في السنة التالية، حيث ان تجربتنا تحوي بين سطورها دروس كثيرة مستفادة للهيئة.

فيما يلي سأقص ماحدث معنا في المبادرة الثانية، وليس الغرض من الحكي .. التشكي، فقد مر عليها قرابة السنة، ولكنه بغرض الدروس المستفادة، ويعلم الله اني ما اردت بهذا شكوى، بل اردت ان تستفيد الهيئة، نسأل الله اخلاص النوايا.
 المشروع الذي قدمناه كان امتدادا لما قمنا بتنفيذه في المبادرة الأولى، وقد بدأ المشروع يتضخم، واصبح اجراء الأختبارات عليه صعبا وطويلا. فكان لدينا الرغبة في ان نقوم بعمليات تكويد تقوم بميكنة عملية الأختبارات test automation . في اجتماع الشركة ذكر احد العاملين المخضرمين اننا لو تقدمنا للمبادرة على اننا سنقوم بعمليات test automation سيتم رفضنا، وانه الأولى ان نقوم بتطوير منظومة صغيرة اضافية على المنتج ونذكر انه منتج جديد. ونستهلك جزء من الميزانية في عمليات ميكنة الأختبارات. لعله نوع من التحايل المشروع لنتجاوز ضعف اليات التقييم !!!!
لكننا حسمنا امرنا ان نحضر جلسة الأستفسارات واتقدم بهذا السؤال. بالفعل حضرت جلسة الأستفسارات، واستفهمت اذا ما كان من الممكن ان نتقدم بهذا العمل في المبادرة وانه جهد برمجي وطويل. والأجابة كانت بالطبع نعم. ولأن من يجيب على الأسئلة ليس حتى عضوا في فريق التقييم ولا يشرف عليه بشكل مباشر، فهو يجيب بما يراه هو منطقيا، في حين ان منطق المقيم قد يكون مختلفا، وقد كان. !

هذا منحى، المنحى الآخر، اننا وجدنا شركات لا علاقة لها بالبرمجيات حاصلة على المنحة، كذلك شركات برمجيات اكبر من تأخذ المنحة كما ذكرت ... انا لا اشكك في نزاهة العاملين، لكنها تداعيات (العمل في منطقة الراحة) مرة اخرى. الهيئة لا تريد ان تزعج نفسها بمقابلة الشركات !!! فضلا عن يقيني في الخبرة القليلة للعاملين في منظومة التقييم وخاصة في هذه المبادرة.

كرد فعل على هذا ، حاولت ان اشتكي، وبالطبع اهلكوني في التليفونات، حتى اني راسلت مدير الهيئة، وحتى وزير الأتصالات. من باب الأنصاف فالوحيد الذي رد بعد 3 اسابيع من الشكوى دون مستمع، هو مكتب م.ياسر القاضي مدير الهيئة. رغم ان الرد كان جافا ومحبطا ، ( رد على شاكلة ان لدينا الية تقييم محكمة وفريق على اعلى مستوى!!!) المهم انه وبعد محاولات كثيرة للتواصل، تواصل معي شخصية لها وزنها داخل الهيئة واراد ان يقابلني.
حدث اللقاء ، وكان محوره هو محاولة تطييب خاطري دون تقبل المظلمة او اجراء اي عمل ايجابي.
فيما يلي بعض الأقتباس من الحوار بيننا.
انا:  يا (فلان) الناس اللي فازت غريبة ... اما شركات لا علاقة لها بالبرمجيات او شركات اكبر من ان تحصل على هذا المبلغ البسيط. ماحدش عندكوا بيراجع المكتوب في التقييم مبالغ فيه ام لا.
هو: عندك حق ، فعلا فيه شركات كده، منهم شركة (....) دي شركة كبيرة واسم كبير في السوق، بس هو قدم ورق رسمي يفيد انه شركة صغيرة ، وماقدرش اعمله حاجة !!!!
... وبعد مناورات حوارية...
انا: طب انا عاوز اقدم تظلم.
هو: مش هاقدر اقبل تظلمك لأن لو قبلته هافتح على نفسي باب تظلمات مش هايتقفل !!!!!

بالطبع ووسط غياب شكل الدولة في مصر، كان تصعيد الأمر هو اضرارا بمصالحي الشخصية وتضييع لوقتي.

الخلاصة والمضمون:
  • اموال هذه المبادرة تبدو وكانها ثقيلة على الهيئة، فهي تسعى للتخلص منها في سرعة دون تحري مصادر صرفها، هل هي لمستحقين ام لا.
  • هذه المبادرة هي الية تشبه الي حد كبير، اعتماد لمبات التوفير كحل رئيسي لأزمة الكهرباء!! هذه المبادرة لن تؤدي لشئ في نظري. وارى ان توجه هذه الأموال لدعم الــ start-ups من خلال مسابقات حقيقية، واليات تقييم دقيقة.
  • لا يمكن ان تقدم مظلمة في عهد الظلمات في اي مكان في الدولة، والهيئة لاتختلف في ذلك عن اي مؤسسة في الدولة.
  • لايوجد ابدا انصات، وان حدث فهو دون تدبر ، وانما بغرض التبرير وليس بغرض الحل. 
نسأل الله الأخلاص

الأربعاء، 3 سبتمبر 2014



هذه التدوينة هي مقدمة لمجموعة تدوينات قادمة ان امد الله في اعمارنا، اتناول فيها اداء هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (ايتيدا) في الفترة من قبل الأزمة المالية العالمية، مرورا بها، ثم الثورة المصرية، وما بعدها.

بالطبع الأحداث السياسية ، والسلطة الحاكمة وتوجهها، يوجهان اداء كل الحكومة بما فيها الهيئة ووزارة الأتصالات، وهذه طبعا حقيقة -افترض انه مسلم بها- في كل الدنيا وليس في مصر فقط، فهي امر منطقي وبديهي. بل اكثر من ذلك فإن المزاج العام للشعب بما فيهم العاملين في الهيئة يحكمان اداء الشعب، وهو مزاج -الطف وصف له- انه سئ ، نتيجة وضع الأقتصاد المتردي، والفساد المنتشر، والأمن الغائب، والأحلام التي استبدلت بالأوهام ... انها حالة احباط عام، وخصام مجتمعي وشقاق. ! نسأل الله ان يخرج مصرنا الحبيبة من تلك الورطة في القريب ان شاء الله.

مبدئيا اريد ان اؤكد ان هذه التدوينة ليست سياسية، لكن دور الأوضاع السياسية في حياتنا لا يمكن ان ينحى جانبا. بمعنى اخر، هذه التدوينة هي محاولة جادة لفتح باب الحوار حول مستقبل هذا القطاع في مصر، والذي تقوده الهيئة. هذا الحوار اتمنى ان يصل الي التنفيذيين في الهيئة، وان يتفاعلوا معه باعتبارنا من قطاع واحد واسرة واحدة. وليس باعتبارنا طرف مهاجم و طرف مدافع. !
مرة كتبت نقد بسيط (ليس حادا على الأطلاق) على صفحة الهيئة على الفيس بوك، فتم طردي من الصفحة ومنعي من التعليق !
قطاع البرمجيات في مصر ينهار -كما ارى- وهو بحاجة لخطة  انقاذ واحياء قبل ان تكون خطة تطوير. والبداية في ان الهيئة تتحلى ببعض الموضوعية في السماع والاستماع وحسن الأنصات، والخروج من دور موظف الحكومة الذي يمن على من يتعامل معه ويرى انه يقوم بدوره على خير وجه.
اتمنى ايضا من زملاءنا من العاملين في القطاع ان يتفاعلوا معنا بمناقشة الأخطاء المذكورة في كل مبادرة حتى نستطيع ان نصل بأصواتنا الي الهيئة.
اتمنى من الكل ان يشارك، من هو مقتنع بالأداء السياسي للحكومة الحالية ومن يعارضه. وان نوجه مشاركتنا في نقد الأداء وليس اصطياد الأخطاء. ليس شرطا ان تقدم حلا، لكن اظهار الأستياء من الأخطاء والأشارة اليها دون تجريح هو اول الخطوات.

التدوينات قد تحوي نقدا حادا ، لكنه لن يكون جارحا لأحد، ولن اذكر اسماء عاملين مطلقا، حتى لا يعتبر احدا ان هذه التدوينة قدحا في شخصه، اتمنى من الهيئة ان تنصت بتفكر، والا تتخذ دور المدافع، وتلجأ الي سرد حقائق او براهين تدحض هذا الكلام. فما دام هناك شكوى مني (باعتباري مدير شركة برمجيات مصرية) ومن زملاء لي اعرفهم، فهناك حتما مشكلة في الأداء.

اسباب المشاكل التي ساتناولها في تدوينات لاحقة يمكن حصرها وضمها تحت ثلاث عوامل رئيسية يشكلون سمة واتجاه داخل الهيئة:
  1. اولا: العمل في منطقة الراحة: وللأيضاح اكثر، فأن معظم المبادرات ان لم يكن كلها تعتمد على تقييم اعمى، يعتمد على ماتكتبه الشركات في نماذج التقييم، دون مراجعة اوتحقق من خلال مقابلة للشركات. ومهما كان عدد الشركات فإنه ليس دافعا ابدا الا يتم مقابلتهم شركة تلو الأخرى. 
    * للتذكرة، فإن الهيئة نفسها قد ذكرت في 2011 ان عدد الشركات المسجلة في قاعدة بياناتها لا يتجاوز الــ 800 شركة، اعتقد ان هذا العدد قد تأثر كثيرا الآن. بمعنى اخر انه ليس امرا مستحيلا ان يتم مقابلة الشركات لمعرفة من يستحق المبادرة ومن لا يستحقها.
  2. ثانيا: ادارة المشاريع: في كل مرة يتم اطلاق مبادرة،  تبدأ بشكل جيد، ثم تبدأ في مواجهة مشاكل ، وهو امر عادي ومقبول، الغير عادي وغير مقبول الا نجد مسئول من داخل الهيئة لمتابعة هذه المشاكل. من تجربة شخصية، فأن مراسلة الهيئة من خلال البريد الأليكتروني او التليفون عبارة عن كابوس، لا تختلف فيه عن اي مؤسسة حكومية، سوى ان ردهم (الطف شوية، ودايما هاتلاقي حد يرد عليك)، لكن لن تصل -في اغلب الأحوال- للأمر الذي تريده. كثيرا جدا اطلب من متلقي المكالمة ان يوصلني بشخص ما (مش مدير الهيئة، دا مدير قسم داخل الهيئة) ويكون الرد ممنوع يافندم !! رغم اني مش شايف مشكلة ان مدير الهيئة يخصص يوم كامل وساعة يوميا للرد على اصحاب الشركات، متأكد هايكون لهذا اثر كبير وافضل في فهم مشاكل القطاع من قلبها.
    في ادارة المشاريع هناك المديرون الذي يخططون ويستبقون الأحداث ويصنعون الأفعال، وهناك من يستجيبون للأفعال التي تحدث حولهم بردود افعال Proactive and reactive ... النموذجين غير متواجدين في الهيئة !.
    انا فعلا لا ادري ان كان هناك وحدة لإدارة المشروعات داخل الهيئة ام لا. ان لم يكن فهم بحاجة ماسة اليها، وان كانت موجودة فهي بحاجة ماسة الي اعادة النظر في سبب وجودها.
  3. عدم الأعتراف بالأخطاء ومهاجمة كل من ينتقد ادائهم. رئيس الهيئة السابق ياسر القاضي كان اكثر تقبلا للنقد من موظفيه. !!!
 لا اعتقد ان احدا سينكر ان هذا القطاع اسسه وصنع فيه طفرة واضحة د.احمد نظيف حين كان وزيرا للأتصالات في الفترة من عام 99 حتى نهاية 2003 حيث تولى بعدها رئاسة الوزراء.  لسنا هنا بصدد الدخول في نقاش سياسي حول ذمة الرجل المالية ونزاهته، (محور كلامنا هو القطاع ومشاكله والهيئة باعتبارها الكيان الأكثر تأثيرا فيه). لكن من الأنصاف لأنفسنا وقطاعنا ان نتعلم من الدروس السابقة خيرها وشرها.
اهم ثلاث مبادرات قام بهم نظيف وادت الي نمو القطاع هما:
  • مبادرة حاسب لكل بيت: التي ادت الي انخفاض اسعار الأجهزة للمستوى الذي جعلها في كل بيت بعد ان كانت حكرا على فئة معينة من الناس.
  • الأنترنت المجاني.
  • مبادرات التدريب المجاني على شهادات مايكروسوفت واوراكل و IBM و سيسيكو ... الخ. والتي ادت بدورها الي خروج كفاءات ممتازة في هذا المجال وجعلت لمصر مكانة على خريطة اسواق التعهيد عالميا outsourcing.
هذا القطاع لازال يعيش على نتائج تلك المبادرتين حتى الآن، ولم يعقبهما اي مبادرات يمكن ان نرى انه كان لها اثرا واضحا في القطاع. كل من توالى بعد د.نظيف على الوزارة وحتى يومنا هذا لم يترك اي بصمة واضحة كما فعلها نظيف. !!!
وكل من اتوا بعد نظيف سواء في الوزارة او من تحتهم من رؤساء للقطاعات،  لم يكن لهم بصمة واضحة، وكل اعمالهم كانت نتيجة حتمية ومترتبة على المبادرات سالفة الذكر. بل ان التقدم في خدمات الأنترنت توقف من حينها، ومستوى المنح التدريبية ظل ينهار حتى انتهت تماما.
اداء الهيئة ونشاطها قبل الثورة كان افضل كثيرا منه بعد الثورة، وليس معنى انه كان افضل انه كان على المستوى المطلوب، اطلاقا.
وليس معنى ان اداء الهيئة نستطيع ان نصنفه انه الأفضل بين المؤسسات والهيئات الحكومية انها كذلك، فالمؤسسات تقريبا كلها هياكل لمؤسسات... مقولة (احسن الوحشين) مش ميزة ولا فخر !!!!!!

اهم المبادرات التي سأعلق عليها في التدوينات القادمة.
  1. مبادرة دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة. بدأت بعد الثورة مباشرة عام 2011 وتكررت مرتين بعدها.
  2.  مبادرة دعم الأبداع.
  3. مبادرة التعاون البحثي مع الأتحاد الأوروبي ITEA عام 2007و 2008.
  4. سياسة المؤتمرات والمعارض وتجربة مؤتمر ICT 2008 في ليون - فرنسا.
  5. دور SECC في التدريب، وهل هي تساعد في تنمية القطاع ام تنافس شركات التدريب !.
  6. ITAC.
  7. GO TO FINANCE  !!!!
  8. GO TO GULF. لم اشارك فيها بنفسي لكن زملاءنا شاركوا فيها وكانت تعليقاتهم عليها محبطة ومخيبة للآمال جدا.
  9. مبادرة دعم الشركات بأدوات البرمجة MS visual studio  والتي تمت سنة 2006 وكانت فاشلة لأقصى درجة.
  10. مبادرة دعم الشركات بأدوات البرمجة MS visual studio (نفس المبادرة السابقة) والتي تمت سنة2010 وكانت ايضا فاشلة. نفس الأخطاء !!!
وساحاول ايضا التعرض لمجموعة من المهام والأدوار التي يجب تقوم بها الهيئة وهي متجاهلاها  تماما.

اخيرا وقبل ان ابدأ في نقد المبادرات اذكركم. البداية من الهيئة ان تتقبل النقد، والبداية من الشركات ان تنتقد بصوت جهوري.

Subscribe to RSS Feed Follow me on Twitter!