الاثنين، 21 سبتمبر 2015


منذ بضعة شهور وانا في نقاشات ومفاوضات حول شراكة عمل بين شركتنا وشركتين اخريين. صديقي ضياء من شركة INCORTA وصديقاي محمد مجدي ومحمد شفيق من Provision .

ضياء ومحمد مجدي مخضرمين في المبيعات. وانا ومحمد شفيق لنا باع في الأدارة وتطوير الأعمال. ومن ناحيتي اعتقد ان لدي خبرة لابأس بها في التخطيط المالي وادارة المشروعات، والبيع ايضا.

منذ ايام وفي احد جلسات النقاش التي بدأت تحتدم، بدأ ضياء يعرض كيف يفكر كل منا وفقا لطبيعة عمله، وذلك من باب تقريب وجهات النظر المتعارضة. هذا الشرح اعجبني واردت ان اصيغه في صورة تدوينة واشارككم تجربتي فيها.

جزء من الخلافات بيننا هو ان المخضرمين في البيع يميلون لتنفيذ البيع اولا وبأسرع وقت وبغض النظر عن قدرة الشركة بالوفاء الكامل بمتطلبات عمليات البيع تلك ! ... في حين يقوم اطراف اخرى في الشركة بمحاولة تأخير عمليات البيع للوفاء الكامل بمتطلبات العميل.
يزيد الأمر تعقيدا ان كان المسئول عن البيع هو صاحب رأس المال والمستثمر، فيطمح ان يمول الفكرة -ان كانت جديدة - من عائدات البيع!.. J بالطبع هذا متاح في بعض الأحيان، لكن ليس في كلها.

بالنظر في دور العمليات المختلفة داخل اي شركة نجد الآتي:
التسويق : يهدف لخلق صورة ذهنية عند العميل ان منتج الشركة هو الأفضل.
البيع: يهدف لآتمام البيع حتى لو بالخسارة للحصول على اكبر عمولة ممكنة
صاحب رأس المال: تعظيم الربحية بأي شكل
التطوير: يهدف لخروج المنتج بأفضل شكل ممكن من وجهة نظره.

كل شركة مهما صغرت ستجد فيها هذه العمليات حتى لو تجمعت في فرد واحد. ويكون احد العوامل الهامة لنجاح ونمو الشركة هو قدرتها على ادارة هذا الخلاف في وجهات النظر والسلوك.

في الشركات الناشئة يكون التنسيق بين هذه الأدوار سهل حيث يكون فريق العمل صغير وتكون هذه العمليات مجمعة في فردين او ثلاثة على الأكثر، والتواصل بينهم كبير. اذا كان منتج الشركة او خدماتها ذات جدوى اقتصادية ولدى الشركة خبرة بيع وتسويق جيدة، فستنمو بشكل متسارع متجاوزة هذه الفترة  في اقصر وقت.

 حين تبدأ الشركة في التطور والنمو ويبدا توزيع الصلاحيات، تظهر مشكلة في التنسيق بين هذه العمليات. لذلك تجد شركات كثيرة تتعثر في عبور هذه المرحلة، حيث يبدأ حجم اعمالهم بالزيادة فيتعثروا بالوفاء بهذه الألتزامات ويواجهوا  ازمات مادية يلجئوا لحلها بمزيد من المبيعات، وفي الغالب تكون بشروط مرهقة للشركة، الأمر الذي يصعب الوفاء بهذه الألتزامات وتظل الشركة في هذه الدوامة فيما نسميه بحالة اطفاء الحرائق المستمرة firefighting mode. استطيع ان اجزم ان نسبة قليلة جدا من الشركات هي التي تستطيع ان تتجاوز هذه المرحلة. وهي مرحلة تحتاج فيها الشركة الي فهم واستيعاب رؤيتها والتركيز عليها، والتخطيط المالي الجيد، وفي الغالب لن تتجاوز هذه المرحلة بسهولة الا من خلال تمويل خارجي (تمويل وليس عمليات بيع). تمويل يساعد على هيكلة خدمات الشركة ومنتجاتها وفريقها وفقا لنموذج عمل مدروس business model.
هنا يأتي دور المدير التنفيذي الناجح في التنسيق بين العمليات المختلفة. ليس دوره ان يغير من طبيعة العمليات .. لكن دوره ان ينسق العمل بين الفرق المختلفة وفقا للرؤية ونموذج العمل.

المستويان الأولان هما الأصعب في التجاوز ... المرحلة الأولى حيث تحاول الشركة ان تثبت جدارتها ومستوى خدماتها وتستحوذ على حصة مناسبة من السوق، وفي المرحلة الثانية تحاول الشركة ان تتوسع. هذا الحاجز الذي يفصل المستوى الثاني عن الثالث هو الحاجز الأصعب على الأطلاق. ان تجاوزته الشركة استطاعت بعد ذلك النمو بسرعة.

من وجهة نظري لايمكن للمدير التنفيذي ان يأتي من خلفية بيع ... شخصية البائع دائما متسرعة وتستعجل النتائج، ولا يمكنه تحمل ادارة مشاكل الموظفين والعمليات الأخرى داخل الشركة... فضلا عن اننا نريد لرجال البيع ان يكون كامل تركيزهم في المبيعات والأسواق والعملاء، لذلك فمن المهم ان يكون المدير التنفيذي من خلفية فنية لكن لديه خبرة سابقة في كل نواحي العمليات ومارسها واحس مشاكلها حتى يستطيع ان يوازن الضغوط على العمليات المختلفة ويضبط جموحها.
Subscribe to RSS Feed Follow me on Twitter!